من أعظم أسباب العفة غض البصر الذي أمر الله به بقوله: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، قيل ليحيى عليه السلام:ما بدء الزنا؟ قال: النظر والتمني، وقال الفضيل بن عياض: يقول إبليس –أي عن النظر- هو قوسي القديمة وسهمي الذي لا أخطئ به، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "والنظرة أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فالنظرة تولد خطرة ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولابد ما لم يمنع منه مانع، وفي هذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده". 
قبسات نبوية 
لم يترك الرسول عليه الصلاة والسلام أمراً من أمور الدين والدنيا إلا وضع بصمته النبوية المضيئة عليها إما بتوجيه جليل، أو بكلام بليغ، فما بخل على أمته قط، وهذا كله نابع من حرصه على تأدية الأمانة وتبليغ الرسالة على أحسن حال....
المتأمل والمتمعن في آي القرآن وفي سوره يجد من البهاء والجمال ما يسبي العقول، ويأسر القلوب، ويجد من النور الإلهي ما يبدد ظلمة الباطل، وما يهدي به القلوب إلى طريق علام الغيوب، وحينها سيتأكد ويرسخ في نفسه ويعلم علم اليقين أن نور القرآن نابع من عظمته وأن عظمته مستمدة من عظمة قائله جل في علاه..
أرسل الله محمداً عليه الصلاة والسلام، وجعله مناراً يهتدي به الناس، بعد أن كادوا يغرقون في ظلمات الضلال والغواية، فأدى الرسالة على أكمل وجه وأحسن صورة وأفضل طريقة، فنصر الله به الأمة، وكشف به الغمة عن العقول والقلوب، وسار بأمته نحو علام الغيوب.
لقد وصل إلينا كلام الحبيب المصطفى غضاً طرياً بعد جهد جهيد، وبعد عمل دءوب من علماء الأمة الأفذاذ، ورجالها الأبطال، ولكي يتم الحفاظ على علم الحديث في قالب الصحة والتواتر، وضعوا علماً يساعد على ذلك وأطلقوا عليه علم مصطلح الحديث.
جعل الله الحديث التشريع الثاني بعد القرآن الكريم، فكان ترجمان القرآن، والمكمل له في كثير من الشرائع والأحكام، حيث أجراه على لسان الذي لا ينطق على الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فكان الحديث كسفينة نوح، فيها من كل شيء بهيج، وكانت النجاة والفلاح معقود بها دون غيرها من سفن الضلال والغواية.
نزل القرآن يضم بين جوانحه تنظيماً متكاملاً للحياة، فهو لا يشوبه أي نقص، ولا يعتريه أي قصور، فشمل أحكاماً وفوائد قد تخفى على كثير من قارئيه، وحوى مواعظ وعبر قد تستتر على كثير من سامعيه...
لقد حوى القرآن أقوى العبارات، وأفضل الكلمات، والجمل الجميلات، وشرع أعدل الأحكام، وسرد أبلغ الكلام، وتحت هذا كله اندرجت معانٍ غزيرة، وفوائد جمة كثيرة، لم تكن لتخطر على بال قارئها، ولا على حسبان سامعها...
القرآن يستمد عظمته من عظمة قائله وخالقه جل في علاه، فهو الدستور، وهو النور الذي يهدي الحيارى إلى الطريق المستقيم؛ وبه ينجلي ظلام الضلال، ويتبدد سواد الغواية، وينقشع غبار الباطل؛ لهذا كان لا بد من تبيين فضائله،وسرد آداب تلاوته وحفظه.
